فصل: بَابُ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَحَبِّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابُ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَحَبِّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَعِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ جَمِيعًا‏,‏ قَالاَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَحَبُّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يُفْطِرُ يَوْمًا وَيَصُومُ يَوْمًا‏,‏ وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَلاَةُ دَاوُد كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ‏.‏

وحَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَحَبُّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ‏,‏ وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَلاَةُ دَاوُد كَانَ يَرْقُدُ شَطْرَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ ثُمَّ يَرْقُدُ آخِرَهُ فَقُلْت لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ كَانَ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَيُّ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ أَفْضَلُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ صَلاَةٌ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ فَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ قَالَ‏:‏ شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَفْضَلَ الصِّيَامِ شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي يُدْعَى الْمُحَرَّمَ‏,‏ فَكَيْفَ يَكُونُ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ أَحَبَّ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ صَوْمِ سِوَاهُ مِمَّا هُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ صَوْمَ الْمُحَرَّمِ أَفْضَلُ الأَوْقَاتِ الَّتِي يُصَامُ فِيهَا التَّطَوُّعُ‏,‏ فَكَانَ ذَلِكَ صَوْمًا خَاصًّا فِي وَقْتٍ مِنْ الدَّهْرِ خَاصٍّ‏,‏ وَكَانَ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ صَوْمًا دَائِمًا‏,‏ وَكَانَ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَدْوَمَهَا وَإِنْ قَلَّ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فَكَانَ تَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ مَعَ صَوْمِ الْمُحَرَّمِ فَضْلَ الْوَقْتِ‏,‏ وَكَانَ مَعَ الصَّوْمِ الآخَرِ الدَّوَامُ‏,‏ فَكَانَ بِذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ وَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ لِدَوَامِ الَّذِي مَعَهُ‏,‏ وَأَنَّ أَحَبَّ الأَوْقَاتِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي يُتَطَوَّعُ بِالصَّوْمِ لَهُ فِيهَا هُوَ الْمُحَرَّمُ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ مَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْقِيرَاطِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا‏,‏ فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ‏;‏ فَاخْرُجْ مِنْهَا قَالَ فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا فَقَالَ قَائِلٌ كَيْف تَقْبَلُونَ هَذَا‏,‏ وَأَنْتُمْ تَجِدُونَ ذِكْرَ الْقِيرَاطِ جَارِيًا عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ جَمِيعًا وَمَذْكُورًا فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَى الْبَلَدِ الَّذِي أُضِيفَ ذَلِكَ الْقِيرَاطُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَى أَهْلِهِ‏,‏ وَتَجِدُونَ ذِكْرَهُ أَيْضًا فِي كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْرَقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَاعِيَ غَنَمٍ قَالُوا وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ نَعَمْ كُنْت أَرْعَى بِالْقَرَارِيطِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ مَشَى مَعَ جِنَازَةٍ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا أَنَّ لَهُ قِيرَاطًا‏,‏ وَأَنَّهُ إنْ انْتَظَرَ دَفْنَهَا كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ‏.‏

وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ فِي ذِكْرِ الْقِيرَاطِ كَمَا وَصَفَ‏,‏ وَالْقِيرَاطُ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رَوَيْنَا لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْقَرَارِيطِ الْمَذْكُورَاتِ فِي هَذِهِ الآثَارِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مَوْجُودٌ فِي كَلاَمِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الَّتِي وَعَدَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِافْتِتَاحِهَا‏,‏ وَذَكَرَ لَهُمْ أَهْلَهَا وَرَحِمَهُمْ بِهِ وَأَوْصَاهُمْ بِهِمْ خَيْرًا وَهِيَ مِصْرُ وَمَوْجُودٌ فِي كَلاَمِ أَهْلِهَا أَعْطَيْت فُلاَنًا قَرَارِيطَهُ إذَا سَمَّعَهُ مَا يَكْرَهُهُ وَإِذَا خَاطَبَهُ بِمَا لاَ يُحِبُّ مُخَاطَبَتَهُ بِهِ‏,‏ وَيُحَذِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَقُولُ اذْهَبْ عَنِّي لاَ أُعْطِيكَ قَرَارِيطَكَ يَعْنِي‏:‏ سِبَابَكَ وَإِسْمَاعَكَ الْمَكْرُوهَ الَّذِي لاَ تُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَهُ‏,‏ وَلَيْسَ هَذَا بِمَوْجُودٍ فِي كَلاَمِ أَهْلِ مَدِينَةٍ سِوَى أَهْلِ مِصْرَ فَكَانَ إعْلاَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ‏,‏ وَوَعْدُهُ إيَّاهُمْ بِفَتْحِ مَدِينَتِهِمْ الَّتِي يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فِيهَا‏,‏ وَأَنَّ أَيْدِيَهُمْ سَتَقَعُ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونُوا ذِمَّةً لَهُمْ وَحَتَّى يَسْتَعْمِلُوا فِيهِمْ مَا أَمَرَهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِمْ‏,‏ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِيرَاطِ الْمُسْتَحَقِّ بِالصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ هَلْ هُوَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهَا خَاصَّةً أَوْ بِمَا سِوَاهُ مَعَهُ مِنْ تَشْيِيعِهَا مِنْ مَنْزِلِهَا

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَالاَ ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَتَى الْجِنَازَةَ عِنْدَ أَهْلِهَا فَمَشَى بِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ‏,‏ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِثْلُ أُحُدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ جَاءَ جِنَازَةً فَتَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَإِنْ مَضَى مَعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِثْلُ أُحُدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ وَعِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيُّ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِثْلَ أُحُدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَزَادَ قِيلَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْقِيرَاطَانِ‏؟‏ قَالَ مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي عَلَيْهَا‏,‏ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَلَمَّا بَلَغَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَقَدْ ضَيَّعْنَا قَرَارِيطَ كَثِيرَةً‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْت نَافِعًا قَالَ قِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ مِنْ الأَجْرِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَكْثَرَ عَلَيْنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا فَصَدَّقَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَقَالَتْ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ مَشَى مَعَ جِنَازَةٍ حَتَّى تَفْرُغَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ‏,‏ وَمَنْ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ‏,‏ قَالَ قُلْنَا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْقِيرَاطُ‏؟‏ قَالَ مِثْلُ أُحُدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بُرْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ سَمِعْت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ شَيَّعَ جِنَازَةً حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ قِيرَاطٌ‏,‏ وَمَنْ مَشَى مَعَ جِنَازَةٍ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ قِيرَاطَانِ وَالْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ قَالَ مَنْ مَشَى مَعَ جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ فَإِنْ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ وَالْقِيرَاطَانِ مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُزَاحِمٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ اتَّبَعَ جِنَازَةً حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ‏,‏ وَمَنْ انْتَظَرَ حَتَّى يُقْضَى دَفْنُهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ قِيلَ‏:‏ وَمَا الْقِيرَاطَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ‏:‏ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ‏,‏ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِهِ مِنْ أُحُدٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ الَّذِي فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ فِيهَا لِلْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ هُوَ بِالتَّشْيِيعِ لَهَا مِنْ أَهْلِهَا وَالصَّلاَةِ عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ لاَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهَا خَاصَّةً غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى ذَكَرَ الْمَشْيَ مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا فَفِي ذَلِكَ إحَاطَتُنَا عِلْمًا أَنَّ الْمُشَيِّعَ لَهَا بِالرُّكُوبِ مَعَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا ثَوَابُهُ دُونَ ثَوَابِ الْمَاشِي مَعَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا‏,‏ وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الرَّاكِبِ اخْتِيَارًا مَعَ إطَاقَتِهِ الْمَشْيَ‏,‏ فَأَمَّا الرَّاكِبُ اضْطِرَارًا لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ فَكَالْمَاشِي مَعَهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آثَارٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِاسْتِحْقَاقِ هَذَا الثَّوَابِ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهَا غَيْرُ مَذْكُورٍ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ ‏(‏ح‏)‏ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ‏,‏ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ‏,‏ وَالْقِيرَاطَانِ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ‏,‏ وَمَنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ‏,‏ وَالْقِيرَاطُ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ انْتَظَرَ حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَاتَّبَعَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِثْلُ أُحُدٍ‏,‏ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَّبِعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ مِثْلُ أُحُدٍ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَهَذِهِ الآثَارُ فِيهَا ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ الْقِيرَاطِ بِالصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ خَاصَّةً أَفَتَجْعَلُونَ هَذَا مُضَادًّا لِمَا فِي الآثَارِ الآُوَلِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ الْقِيرَاطِ أَنَّهُ بِالْمَشْيِ مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا وَالصَّلاَةِ عَلَيْهَا لاَ بِدُونِ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ‏:‏ لَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا بِتَضَادٍّ وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى حِفْظِ بَعْضِ رُوَاتِهَا لِمَا أَغْفَلَهُ بَقِيَّتُهُمْ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَلِكَ الْقِيرَاطَ هُوَ بِالْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ مِنْ أَهْلِهَا وَالصَّلاَةِ عَلَيْهَا‏,‏ وَيَكُونُ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمَشْيِ مَعَهَا إغْفَالاً مِنْ رُوَاتِهَا‏,‏ وَمَنْ حَفِظَ شَيْئًا كَانَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ وَهَلْ جُزْءُ الْقِيرَاطِ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ مَوْجُودٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ‏:‏ مَا وَجَدْنَا لِذَلِكَ ذِكْرًا فِي شَيْءٍ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرِ شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ النُّعْمَانِ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيَشَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدِّينَارُ كَنْزٌ وَالدِّرْهَمُ كَنْزٌ وَالْقِيرَاطُ كَنْزٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ‏:‏ أَمَّا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُمَا فَمَا الْقِيرَاطُ قَالَ نِصْفُ دِرْهَمٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَكَانَ ذَلِكَ مِقْدَارَ الْقِيرَاطِ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ‏,‏ وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِمَّا هُوَ عَدْلُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا عَلَى مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مَنْ يَجْعَلُ الدِّيَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا‏.‏

وَأَمَّا مَنْ يَجْعَلُ الدِّيَةَ مِنْ الْوَرِقِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ فَذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَدْلَ الدِّينَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ عِنْدَهُمْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ وَعَلَى أَنَّ الْقَرَارِيطَ جُمْلَتُهَا الدِّينَارُ كَانَ عِنْدَهُمْ عِشْرِينَ قِيرَاطًا‏,‏ وَكَانَ الْقِيرَاطُ مِنْهَا نِصْفَ دِرْهَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ فَهَلْ وَجَدْتُمْ لِلشَّيْءِ الَّذِي الْقِيرَاطُ مِنْهُ ذِكْرَ مِقْدَارٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الآثَارِ‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ مَا وَجَدْنَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا هُوَ‏,‏ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخْفَى ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَهُ أَهْلُهُ إذَا لَقَوْهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَسْرِ عَظْمِ الْمَيِّتِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَسْرُ عِظَامِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عِظَامِ الْحَيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ كَسْرَ عَظْمِ الْمُؤْمِنِ مَيِّتًا مِثْلُ كَسْرِهِ حَيًّا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ أَنْبَأَ سُفْيَانُ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ حَيًّا فَقَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ لاَ عِلْمَ عِنْدَهُ بِتَأْوِيلِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْزَمُكُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ تَجْعَلُوا فِي كَسْرِ عِظَامِ الْمَوْتَى مِثْلَ الَّذِي تَجْعَلُونَهُ فِي كَسْرِ الأَحْيَاءِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أَلْزَمَنَاهُ لاَ يَلْزَمُنَا‏;‏ لأَنَّا وَجَدْنَا عَظْمَ الْحَيِّ لَهُ حُرْمَةٌ‏;‏ وَفِيهِ حَيَاةٌ يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ سَبَبًا لِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ وَإِعَادَتِهِ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوَاتِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقِصَاصِ‏,‏ وَمِنْ أَرْشٍ وَكَانَ عَظْمُ الْمَيِّتِ لاَ حَيَاةَ فِيهِ وَلَهُ حُرْمَةٌ‏,‏ فَكَانَ كَاسِرُهُ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ كَكَاسِرِ عَظْمِ الْحَيِّ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ‏,‏ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَسْرُ إخْرَاجَ الْحَيَاةِ مِنْهُ حَتَّى عَادَ بِهَا مَوَاتًا كَمَا يَكُونُ فِي كَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ كَذَلِكَ فَانْتَفَى السَّبَبُ الَّذِي يُوجِبُ فِي كَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ مَا يُوجِبُ مِنْ قِصَاصٍ وَمِنْ دِيَةٍ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَلاَ دِيَةٌ‏,‏ وَكَانَتْ حُرْمَتُهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَوَاتًا لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً كَانَ مُنْتَهِكُهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ مَوَاتًا كَهُوَ فِي انْتِهَاكِهَا لَمَّا كَانَ حَيًّا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ وَهْبِ بْنِ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ وَإِنْ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَقَامَ إلَيْهَا‏,‏ ثُمَّ رَجَعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجَوَارِبِيُّ قَالَ ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهْبُ بْنُ حُذَيْفَةَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ غِفَارٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ‏,‏ وَقَالَ مَرَّةً مَنْ قَعَدَ مَقْعَدَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ‏,‏ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَكُونُ هَذَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّ مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ‏,‏ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِمَّنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ إذْ كَانَ ذَلِكَ إنَّمَا يُرِيدُ بِهِ الْمَجَالِسَ الْعَامِّيَّةَ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَاتٍ لاَ الْمَجَالِسَ الْخَاصِّيَّةَ الْمَمْلُوكَاتِ كَالْمَسَاجِدِ وَكَالصَّحَارِيِ الَّتِي يَنْزِلُهَا النَّاسُ‏,‏ وَكَالْمَوَاضِعِ مِنْ الأَمْصَارِ الْمَأْذُونِ لِلنَّاسِ فِيهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعَوْدَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِيَامِ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أُرِيدَ الْعَوْدُ إلَيْهِ الْمُدَّةُ الَّتِي ذَكَرَ‏,‏ وَلَكِنَّهُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي قَامَ عَنْهُ صَاحِبُهُ الْقِيَامَ الَّذِي لَمْ يُرِدْ بِهِ تَرْكَهُ إنَّمَا قَامَ لأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ عَلَى أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ فَيَرْجِعَ إلَى الْجُلُوسِ فِيهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ قِيَامِهِ عَنْهُ‏,‏ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَحَقَّ بِمَجْلِسِهِ ذَلِكَ‏,‏ وَإِذَا كَانَ بِخِلاَفِهِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكَانَ هُوَ وَسَائِرُ النَّاسِ فِيهِ سَوَاءً مَنْ سَبَقَ مِنْهُمْ إلَيْهِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ صَرُورَةً فِي الإِسْلاَمِ

حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْرَقُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْخُوَارِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ صَرُورَةَ فِي الإِسْلاَمِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمْ نَجِدْ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا مُتَّصِلَ الإِسْنَادِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَّا مَا سِوَاهُ مِنْ الأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِيهَا فَمِنْهَا مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا لاَ يَتَجَاوَزُ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لاَ صَرُورَةً فِي الإِسْلاَمِ إنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْطِمُ وَجْهَ الرَّجُلِ وَيَقُولُ إنَّهُ صَرُورَةً فَقِيلَ لِعِكْرِمَةَ وَمَا الصَّرُورَةُ قَالَ يَقُولُونَ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْن عَبَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ صَرُورَةَ فِي الإِسْلاَمِ قَالَ سُفْيَانُ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ يَحُجَّ هُوَ صَرُورَةً‏,‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ صَرُورَةً فِي الإِسْلاَمِ‏.‏

وَمِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الأَعْرَجُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ صَرُورَةً فِي الإِسْلاَمِ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْطِمُ وَجْهَ الرَّجُلِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ‏,‏ ثُمَّ يَقُولُ إنِّي صَرُورَةً فَيُقَالَ ذَرُوا صَرُورَةً وَجَهْلَهُ‏,‏ وَلَوْ أَلْقَى سُلاَحَهُ فِي رَحْلِهِ قُلْت لِعِكْرِمَةَ وَمَا الصَّرُورَةُ‏؟‏ قَالَ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ‏,‏ أَوْ قَالَ وَلَمْ يُضَحِّ أَوْ كَمَا قَالَ‏.‏

وَمِنْهُ مَا يُرْوَى مَوْقُوفًا عَنْ عِكْرِمَةَ غَيْرَ مُتَجَاوِزٍ بِهِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ كَانَ يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ صَرُورَةً‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الصَّرُورَةِ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَكُونَ فِي الإِسْلاَمِ مَا هِيَ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ فَهْدٍ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْطِمُ وَجْهَ الرَّجُلِ‏,‏ وَيَقُولُ إنَّهُ صَرُورَةً فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَلْطُومُ هُوَ الصَّرُورَةُ‏;‏ لأَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ‏,‏ وَاحْتُمِلَ أَنَّ اللَّاطِمَ هُوَ الصَّرُورَةُ فَيُعْذَرُ فِي ذَلِكَ لِجَهْلِهِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ‏,‏ فَأَرَدْنَا أَنْ نَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ اللَّاطِمَ هُوَ الْمُرَادُ فِي ذَلِكَ لاَ الْمَلْطُومَ وَأَجَازَ لَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ مَا ذَكَرَ لَنَا أَنَّ الْغَلَّابِيَّ حَدَّثَهُ إيَّاهُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي‏:‏ الزُّبَيْرِيَّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ الرَّجُلُ يَلْطِمُ الرَّجُلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيَقُولُ أَنَا صَرُورَةً فَيَقُولُ دَعُوا الصَّرُورَةَ بِجَهْلِهِ وَإِنْ رَمَى بِجَعْرِهِ فِي رَحْلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ صَرُورَةَ فِي الإِسْلاَمِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ مَا ذَكَرْنَا‏.‏

ثُمَّ احْتَجْنَا أَنْ نَقِفَ عَلَى إبَاحَةِ هَذَا الاِسْمِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَوْ فِي كَرَاهَتِهِ‏,‏ وَالنَّهْيِ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاَ صَرُورَةَ فِي الإِسْلاَمِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُرَادُ بِهِ النَّهْيُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ فِي الإِسْلاَمِ‏,‏ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ يُرَادَ بِهِ أَنْ لاَ يَبْقَى فِي الإِسْلاَمِ أَحَدٌ حَتَّى يَحُجَّ‏,‏ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ انْقِطَاعُ هَذَا الاِسْمِ عَنْ النَّاسِ جَمِيعًا فِي الإِسْلاَمِ فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ قَدْ يَعْجَزُ عَنْ الْحَجِّ إمَّا لِزَمَانَةٍ فِي بَدَنِهِ‏,‏ وَإِمَّا لِقِلَّةٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ وَلاَ يَحُجُّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَيَكُونُ مَنْ حَمَلَ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاَ صَرُورَةَ فِي الإِسْلاَمِ‏.‏

أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ بَعِيدًا‏;‏ لأَنَّ ذَلِكَ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُخْتَارًا لِذَلِكَ‏,‏ وَإِنَّمَا كَانَ تَخَلُّفُهُ عَجْزًا لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا‏,‏ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ مَذْمُومًا بِذَلِكَ أَوْ يَكُونَ هَذَا الاِسْمُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا مِمَّا أُرِيدَ بِهِ ذَمُّ مَنْ يُسَمَّى بِهِ يَلْزَمُهُ‏,‏ وَلَمَّا بَطَلَ هَذَا التَّأْوِيلُ عَقَلْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ أَنْ لاَ يُقَالَ هَذَا الْقَوْلُ لأَحَدٍ‏,‏ وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي حَدِيثِ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ صَرُورَةً وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُنْقَطِعًا مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إنِّي صَرُورَةً فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِصَرُورَةٍ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ بِشْرٍ أَبِي إسْمَاعِيلَ قَالَ قُلْت لِعَامِرٍ الصَّرُورَةُ‏,‏ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ الصَّرُورَةُ‏؟‏ لَيْسَ الصَّرُورَةُ شَيْئًا

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا‏;‏ لأَنَّ الصَّرُورَةَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ هُوَ الصَّرُّ عَلَى شَيْءٍ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏ فَمَنْ كَانَ تَخَلُّفُهُ عَنْ الْحَجِّ لَيْسَ لِإِصْرَارِهِ عَلَى أَنْ لاَ يَحُجَّ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَجْزٍ أَوْ لِمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْحَجِّ عَنْهُ‏,‏ فَلَيْسَ صَاحِبُهُ بِمُصِرٍّ الإِصْرَارَ الْمَذْمُومَ‏,‏ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً فَأَمَّا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إبَاحَةُ هَذَا الْقَوْلِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ كَانَ عَطَاءٌ يُقَالُ لَهُ الصَّرُورَةُ فَلاَ يُنْكِرُهُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَرَاهَةِ هَذَا الْقَوْلِ أَوْلَى عِنْدَنَا‏;‏ لأَنَّهُ وَصْفٌ بِحَالٍ مَذْمُومَةٍ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ‏}

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَك يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا‏,‏ وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا فَاسْتَفَاءَهُ فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً‏,‏ وَلاَ يُنْكَحَانِ إِلاَّ وَلَهُمَا مَالٌ‏,‏ فَقَالَ سَيَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الْمِيرَاثِ فَبَعَثَ إلَى عَمِّهِمَا فَقَالَ أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَلَكَ مَا بَقِيَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَآيَةُ الْمِيرَاثِ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الآُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ‏}‏ الآيَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالاَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي دَاوُد بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ امْرَأَةَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ سَعْدًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَتَيْهِ وَأَخَاهُ فَعَمَدَ أَخُوهُ فَقَبَضَ مَا تَرَكَ سَعْدٌ‏,‏ وَإِنَّمَا تُنْكَحُ النِّسَاءُ عَلَى أَمْوَالِهِنَّ فَلَمْ يُجِبْهَا فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ‏,‏ ثُمَّ جَاءَتْهُ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنَتَا سَعْدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اُدْعِي أَخَاهُ فَجَاءَ فَقَالَ‏:‏ ادْفَعْ إلَى ابْنَتَيْهِ الثُّلُثَيْنِ وَإِلَى امْرَأَتِهِ الثُّمُنَ وَلَكَ مَا بَقِيَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ‏}‏ فَكَانَ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَيْنِ فِي هَذِهِ الآيَةِ إنَّمَا جُعِلَ لِمَنْ فَوْقَ الاِثْنَتَيْنِ مِنْ الْبَنَاتِ لاَ الاِثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ قَوْمٌ‏,‏ وَذَهَبُوا إلَى مَا يُرْوَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الاِثْنَتَيْنِ مِنْ الْبَنَاتِ أَنَّ لَهُمَا النِّصْفَ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِمَا كَمَا يَكُونُ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ الْبَنَاتِ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِمَا‏,‏ وَأَنَّ الثُّلُثَيْنِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْبَنَاتِ مَنْ كَانَ عَدَدُهُ فَوْقَ الاِثْنَتَيْنِ ثَلاَثٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ نَجِدْهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا قَوْلَ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى خِلاَفِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ وَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَوْقَ اثْنَتَيْنِ‏}‏ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً اثْنَتَيْنِ‏,‏ وَقَوْلُهُ فَوْقَ صِلَةٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ‏}‏ فِي مَعْنَى فَاضْرِبُوا الأَعْنَاقَ‏,‏ وَقَالَ ‏{‏فَإِذَا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ‏}‏ وَهِيَ الأَعْنَاقُ وَفَوْقَ صِلَةٌ‏;‏ لأَنَّ مَا فَوْقَ الأَعْنَاقِ هُوَ عِظَامُ الرَّأْسِ‏,‏ وَلَيْسَتْ الأَعْنَاقُ مِنْهَا فِي شَيْءٍ وَالضَّرْبُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ هُوَ ضَرْبُ الأَعْنَاقِ لاَ مَا سِوَاهَا‏.‏

وَوَجَدْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا قَالُوا مِنْ تَوْرِيثِهِمْ الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ مَا فِي آخِرِ السُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا هَذِهِ الآيَةُ‏,‏ وَهِيَ سُورَةُ النِّسَاءِ وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ‏}‏ فَكَانَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لِلآُخْتِ الْوَاحِدَةِ مِنْ مِيرَاثِ أُخْتِهَا فِي هَذِهِ الآيَةِ كَمَا جَعَلَ لِلْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهَا فِي الآيَةِ الآُخْرَى‏,‏ وَكَانَتْ الْبِنْتُ أَوْكَدَ نَسَبًا مِنْ أَبِيهَا مِنْ الآُخْتِ مِنْ أُخْتِهَا‏,‏ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ‏}‏ يَعْنِي مِنْ الأَخَوَاتِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ يَعْنِي‏:‏ مَا تَرَكَهُ أَخُوهُمَا فَلَمَّا كَانَ لِلاِثْنَتَيْنِ مِنْ الأَخَوَاتِ الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَهُ أَخُوهُمَا كَانَتْ الاِثْنَتَانِ مِنْ الْبَنَاتِ فِيمَا تَرَكَهُ أَبُوهُمَا بِذَلِكَ أَوْلَى وَاسْتِحْقَاقُهُمَا إيَّاهُ مِنْهُ أَحْرَى‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ بِهَا قَتْلَهُ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ

حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ يَعْنِي‏:‏ ابْنَ أُمِّ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أُمِّ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ‏,‏ ثُمَّ وَضَعَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ قَالَ الْفَضْلُ يَعْنِي ضَرَبَ بِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْلَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ بِهَا قَتْلَهُ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ مَا ذَلِكَ الْوُجُوبُ‏؟‏ فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ يَقُولُ قَدْ وَجَبَ دَيْنِي عَلَى فُلاَنٍ يَعْنِي‏:‏ دَيْنَهُ الَّذِي كَانَ آجِلاً فَحَلَّ لَهُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى قَوْلِهِ قَدْ حَلَّ دَيْنِي عَلَى فُلاَنٍ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ أَيْ‏:‏ فَقَدْ حَلَّ دَمُهُ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ فَقَدْ حَلَّ لَهُ دَمُهُ قِيلَ لَهُ‏:‏ لأَنَّ قَتْلَهُ قَدْ حَلَّ لِلَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِالْحَدِيدَةِ وَلِمَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ مِمَّا يُحَاوِلُ دَفْعَهُ عَنْهُ وَيَمْنَعُ وُقُوعَ سِلاَحَهُ بِهِ‏,‏ أَلاَ تَرَى أَنَّ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِالْحَدِيدَةِ لَوْ كَانَ زَمِنًا أَوْ عَاجِزًا بِمَا سِوَى الزَّمَانَةِ عَنْ قَتْلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِالْحَدِيدَةِ لِيَقْتُلَهُ بِهَا أَنَّ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْقُوَّةُ أَنْ يَقْتُلَهُ حَتَّى لاَ يُتِمَّ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ إشَارَتِهِ بِالْحَدِيدَةِ إلَى صَاحِبِهِ لِيَقْتُلَهُ بِهَا‏,‏ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقْصِدْ بِوُجُوبِ الدَّمِ إلَى الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِالْحَدِيدَةِ خَاصَّةً‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ بِالْحَدِيدَةِ إلَى صَاحِبِهِ قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ إذَا تَمَّ مِنْهُ فِيهِ وَجَبَ دَمُهُ لِلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِالْحَدِيدَةِ فَلَمَّا كَانَ دَمُهُ يَجِبُ لَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ لَهُ أَخْذُ دَمِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِالْحَدِيدَةِ قَبْلَ إمْضَائِهِ إيَّاهَا فِيهِ‏,‏ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَيُعِلُّونَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ شَهَرَ السِّلاَحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ‏:‏ حَقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْتُلُوهُ‏,‏ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمْ قَالَ وَلَوْ كَانَ الَّذِي شَهَرَ السِّلاَحَ مَجْنُونًا فَشَهَرَهُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ دِيَتِهِ‏,‏ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلاَفًا بَيْنَهُمْ‏,‏ وَذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ الَّذِي ذَكَرْنَا لَوْ تَمَّ مَا أَشَارَ بِهِ فِي الَّذِي أَشَارَ بِهِ إلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ بِهِ دَمُهُ فَلَمَّا كَانَ دَمُهُ لاَ يَحِلُّ لَهُ بِإِمْضَائِهِ مَا أَشَارَ بِهِ إلَيْهِ فِيهِ كَانَ بِإِشَارَتِهِ إلَيْهِ أَحْرَى أَنْ لاَ يَحِلَّ لَهُ بِذَلِكَ دَمُهُ‏.‏

وَأَمَّا مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ ثُمَّ وَضَعَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ‏,‏ وَمَا تَأَوَّلَهُ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى فِي قَوْلِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ أَنَّهُ عَلَى وَضْعِهِ إيَّاهُ فِي الَّذِي شَهَرَهُ عَلَيْهِ‏,‏ فَذَلِكَ تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ‏;‏ لأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلَّذِي أُشِيرَ بِهِ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوضَعَ مَا أُشِيرَ بِهِ إلَيْهِ فِيهِ حِلًّا كَانَ بَعْدَ وَضْعِهِ إيَّاهُ فِيهِ أَحْرَى أَنْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ مِنْهُ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فِي ذَلِكَ مَا قَدْ تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِذَلِكَ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ أَنْبَأَ يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ شَهَرَ سَيْفَهُ عَلَى رَجُلٍ فَقَطَعَ بِهِ يَدَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ السَّيْفُ قَالَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ‏,‏ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلاَفًا بَيْنَهُمْ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا مِنْ مَذْهَبِهِ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خِلاَفًا لِهَذَا الْحَدِيث‏,‏ وَلَكِنَّهُ عَلَى أَنَّ الشَّاهِرَ عَلَيْهِ السَّيْفَ لَمَّا قَطَعَ يَدَهُ كَفَّ عَنْ إشْهَارِهِ إيَّاهُ عَلَيْهِ‏,‏ فَحَرُمَ بِذَلِكَ قَتْلُهُ عَلَى الَّذِي شَهَرَ عَلَيْهِ‏,‏ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ قَطْعِهِ يَدَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّا شَهَرَ بِهِ سَيْفَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِهِ قَبْلَ قَطْعِهِ يَدَهُ وَفِي أَسْوَإِ حَالٍ مِنْهُ وَمَعْقُولٌ فِيهِ أَنَّ حِلَّ دَمِهِ لَهُ حِينَئِذٍ فَوْقَ حِلِّ دَمِهِ لَهُ قَبْلَ قَطْعِ يَدِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَهَا فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتَا الْعَاضِّ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَنْبَأَ سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ آخَرَ عَلَى ذِرَاعِهِ فَجَذَبَهَا فَانْتُزِعَتْ ثَنِيَّتَاهُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ أَوْ تَقْضَمَ شَكَّ سَعِيدٌ لَحْمَ أَخِيكَ كَمَا يَأْكُلُ أَوْ يَقْضَمُ الْفَحْلُ فَأَبْطَلَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا‏,‏ وَنَزَعَ يَدَهُ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ فَاخْتَصَمُوا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لاَ دِيَةَ لَكَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتَا الْعَاضِّ فَارْتَفَعَا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْبَكْرُ‏,‏ فَأَبْطَلَهَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ حَدَّثَهُ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ الْعُسْرَةِ‏,‏ وَكَانَتْ أَوْثَقَ أَعْمَالِي فِي نَفْسِي فَكَانَ لِي أَجِيرٌ فَقَاتَلَ إنْسَانًا فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَانْتَزَعَ أُصْبُعَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتَاهُ فَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَيْهِ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ حَسِبْتُ أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ فَتَقْضُمَهَا كَقَضْمِ الْجَمَلِ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عَمَّيْهِ سَلَمَةَ بْنِ أُمَيَّةَ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالاَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَمَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا‏,‏ فَقَاتَلَ رَجُلاً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَضَّ الرَّجُلُ ذِرَاعَهُ فَجَذَبَهَا مِنْ فِيهِ فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ‏,‏ فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَلْتَمِسُ الْعَقْلَ‏,‏ فَقَالَ يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ إلَى أَخِيهِ فَيَعَضُّهُ عَضِيضَ الْفَحْلِ ثُمَّ يَأْتِي يَطْلُبُ الْعَقْلَ لاَ عَقْلَ لَهُ فَأَبْطَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ وَهَذَا مِنْ الْخَطَإِ غَيْرُ مُشْكِلٍ‏;‏ لأَنَّ صَفْوَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحَ وَيَعْلَى صَاحِبُ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَنْفُسِهَا‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ حَلِيفٌ لَهَا وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَدِيمُ السُّكْنَى بِمَكَّةَ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ وُقُوفِنَا عَلَى اخْتِلاَفِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ‏,‏ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لاَ يُبْطِلُ عَقْلَ ثَنِيَّتَيْ الْعَاضِّ عَنْ الْمَعْضُوضِ‏,‏ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ أَحْوَالِ شَاهِرِ السِّلاَحِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ‏,‏ وَأَنَّهُ إنَّمَا حَلَّ لِلْمَشْهُورِ عَلَيْهِ دَمُ الشَّاهِرِ إذْ كَانَ الشَّاهِرُ لَوْ تَمَّ مِنْهُ فِي الَّذِي شَهَرَ عَلَيْهِ السِّلاَحَ مَا شَهَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهِ فَقَالَ قَائِلٌ فَالْعَضُّ مِمَّا لاَ قَوَدَ فِيهِ‏;‏ لأَنَّهُ كَسْرٌ لِلْعَظْمِ الْمَعْضُوضِ‏.‏

أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ فَتَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ‏,‏ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِيهَا كَسْرَ الْعَظْمِ‏,‏ وَكَسْرُ الْعَظْمِ لاَ قَوَدَ فِيهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنَّ الْقَضْمَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ هُوَ كَسْرُ الْعَظْمِ كَمَا تُوُهِّمَ‏;‏ لأَنَّ الْقَضْمَ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الْقَضْمُ بِأَطْرَافِ الأَسْنَانِ الَّذِي لاَ يَبْلُغُ هَذَا‏,‏ وَإِنَّمَا الَّذِي يَبْلُغُهُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْخَضْمُ وَهُوَ التَّمَكُّنُ بِالأَسْنَانِ كُلِّهَا فَذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَأْتِي عَلَى الْعَظْمِ وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَمَا وَصَفْنَا كَانَ الْقَضْمُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى جِلْدَةِ الذِّرَاعِ أَوْ يَتَجَاوَزُهَا إلَى اللَّحْمِ الَّذِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ فَإِذَا تَجَاوَزَهَا إلَى ذَلِكَ أَوْضَحَ الْعَظْمَ فَعَادَ مَعْنَاهُ فِي الذِّرَاعِ إلَى مَعْنَى الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ‏,‏ وَفِيهَا الْقَوَدُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَمِثْلُهَا وُضُوحُ عَظْمِ الذِّرَاعِ فَفِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا‏,‏ وَلَمَّا كَانَ فِيهِ الْقَوَدُ إذَا تَمَّ ذَلِكَ الْعَقْلُ كَانَ لِلَّذِي قَصَدَ بِهِ إلَيْهِ إزَالَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ لِيَصِلَ بِذَلِكَ إلَى الْوَاجِبِ لَهُ فِيمَا حَلَّ بِهِ مِنْهُ‏,‏ وَلَوْ كَانَ الْعَاضُّ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ فَكَانَ مِنْ الْمَعْضُوضِ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ كَانَ عَلَى الْمَعْضُوضِ قِيمَةُ ثَنَايَاهُ فَقَدْ وَافَقَ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ مَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ مَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَاتِ أَنَّهَا كَالأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ فِي دُخُولِ الرِّبَا فِيهَا كَدُخُولِهِ فِي الأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لاَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ‏,‏ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ فَلاَ تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا‏,‏ وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْوُحَاظِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ‏,‏ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لاَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لاَ تَفْعَلُوا وَلَكِنْ مِثْلاً بِمِثْلٍ أَوْ بِيعُوا هَذَا وَاشْتَرُوا هَذَا بِثَمَنِهِ وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ مِنْ الأَنْصَارِ إلَى خَيْبَرَ أَمِيرًا فَقَدِمَ عَلَيْهِ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ يَعْنِي طَيِّبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا‏؟‏ قَالَ لاَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ آصُعٍ مِنْ الْجَمْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لاَ تَفْعَلْ وَلَكِنْ تَبِيعُ هَذَا وَتَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ الْمَدِينِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ عَلَى خَيْبَرَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ يَعْنِي‏:‏ طَيِّبًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَشْتَرِي الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ مِنْ الْجَمْعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لاَ تَفْعَلْ وَلَكِنْ بِعْ هَذَا وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا فَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ هَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِ مُصْعَبٍ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَنَّهُ أَصْلُ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَهَذَا خِلاَفُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نُعَيْمٍ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ‏;‏ لأَنَّهُ جَعَلَ مَكَانَ عَبْدِ الْمَجِيدِ أَبَا سُهَيْلٍ وَاَلَّذِي قَالَ مُصْعَبٌ فِي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏,‏ فَكَانَ فِي هَذِهِ الآثَارِ رَدُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُكْمَ الْمِيزَانِ فِي دُخُولِ الرِّبَا فِي الأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَةِ بِهِ كَدُخُولِهَا فِي الْمِكْيَالِ فِي الأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ بِهِ‏.‏

وَلَمْ يَقْصِدْ فِي ذَلِكَ إلَى مَأْكُولٍ وَلاَ إلَى مَشْرُوبٍ دُونَ مَا سِوَاهُمَا مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ وَلاَ يُشْرَبُ‏,‏ فَكَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ يُوجِبُ مَا قَالَ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ يَجُوزُ الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ وَلاَ النُّحَاسُ بِالنُّحَاسِ وَلاَ الرَّصَاصُ بِالرَّصَاصِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ‏,‏ وَأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ لَمَّا كَانَتْ مَوْزُونَةً فِي دُخُولِ الرِّبَا إيَّاهَا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي دُخُولِ الرِّبَا إيَّاهُمَا وَكَالأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ مِنْ التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فِي دُخُولِ الرِّبَا إيَّاهُمَا كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ بِخِلاَفِ مَا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيهِ وَحَمْلِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَمِمَّا يُشْرَبُ خَاصَّةً دُونَ مَا لاَ يُؤْكَلُ وَمَا لاَ يُشْرَبُ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ مِمَّنْ ذَهَبَ إلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ إنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَدْ ذَهَبَ فِي هَذَا الْمَعْنَى إلَى مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ فِيهِ‏,‏ وَإِلَى خِلاَفِ مَا ذَهَبَ الآخَرُونَ إلَيْهِ فِيهِ وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ لاَ رِبَا إِلاَّ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ وَقَالَ فَإِلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفْتُمْ قَوْلَ سَعِيدٍ هَذَا فَقِيلَ لَهُ إلَى قَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ الَّذِي يُخَالِفُهُ فَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَعْلَى مِنْ قَوْلِ سَعِيدٍ‏.‏

وَاَلَّذِي يُرْوَى عَنْ عَمَّارٍ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبَرْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنه الْعَبْدُ خَيْرٌ مِنْ الْعَبْدَيْنِ‏,‏ وَالأَمَةُ خَيْرٌ مِنْ الأَمَتَيْنِ‏,‏ وَالْبَعِيرُ خَيْرٌ مِنْ الْبَعِيرَيْنِ‏,‏ وَالثَّوْرُ خَيْرٌ مِنْ الثَّوْرَيْنِ‏,‏ فَمَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسَاءِ لاَ مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ‏:‏ وَالثَّوْرُ خَيْرٌ مِنْ الثَّوْرَيْنِ وَقَالَ مَكَانَ ذَلِكَ‏,‏ وَالثَّوْبُ خَيْرٌ مِنْ الثَّوْبَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَلَمَّا كَانَ أَوْكَدُ الأَشْيَاءِ فِي دُخُولِ الرِّبَا عَلَيْهَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ‏,‏ وَلَيْسَا بِمَأْكُولَيْنِ وَلاَ مَشْرُوبَيْنِ عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لَهَا دُخُولُ الرِّبَا إلَى الْوَزْنِ فِيمَا يُوزَنُ‏,‏ وَالْكَيْلُ فِيمَا يُكَالُ مَأْكُولاً كَانَ ذَلِكَ أَوْ مَشْرُوبًا أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ وَمِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ حَتَّى ذَكَرَ سِهَامَ الْخَيْرِ وَمَا يُجْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ بِقَدْرِ عَقْلِهِ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سُقَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَتَّى ذَكَرَ سِهَامَ الْخَيْرِ وَمَا يُجْزَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ بِقَدْرِ عَقْلِهِ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَنْ صَلَّى صَلاَةً مُقْبِلاً عَلَيْهَا حَتَّى وَفَّاهَا خُشُوعَهَا وَقِيَامَهَا وَقِرَاءَتَهَا وَرُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا وَسَائِرَ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِيهَا مِنْ فَرَائِضِهَا وَمِنْ سُنَنِهَا وَمِنْ الإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَتَرْكِ التَّشَاغُلِ بِغَيْرِهَا عَنْهَا كَانَ جَزَاؤُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ جَزَائِهِ لَوْ صَلَّاهَا عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ الْخُشُوعِ فِيهَا وَبِالتَّشَاغُلِ بِغَيْرِهَا عَنْهَا حَتَّى كَانَ فِيمَا أَتَى بِهَا عَلَيْهِ ضِدًّا لأَحْوَالِهِ الآُوَلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِمَّا هُوَ مَحْمُودٌ عَلَيْهَا‏,‏ وَكَانَ فِي صَلاَتِهِ إيَّاهَا عَلَى أَحْوَالِ الْحَمْدِ عَاقِلاً لَهَا وَفِي صَلاَتِهِ إيَّاهَا عَلَى أَحْوَالِ الذَّمِّ غَافِلاً عَنْهَا يُجْزَى بِمِقْدَارِ عَقْلِهِ فِيهَا خِلاَفَ مَا يُجْزَى عَلَى أَحْوَالِهِ فِي غَفْلَتِهِ عَنْهَا وَمِنْ هَذَا عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلاَةَ وَمَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا إِلاَّ نِصْفُهَا‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ أَجْزَاءَهَا حَتَّى تَنَاهَى إلَى عُشْرِهَا‏,‏ وَمِثْلُ ذَلِكَ الزَّكَاةُ إذَا وَضَعَهَا فِي الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا بِأَعْلَى مَرَاتِبِ أَهْلِهَا فِيهَا مِنْ الْفَقْرِ إلَيْهَا‏,‏ وَمِنْ الزَّمَانَةِ وَالْعَجْزِ عَنْ غَيْرِهَا فِيمَا يُغْنِي عَنْهَا‏,‏ وَمِنْ التَّعَفُّفِ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا‏,‏ وَتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ لَهَا وَلِمَا سِوَاهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ يَكُونُ جَزَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ خِلاَفَ جَزَاءِ مَنْ وَضَعَهَا فِي مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فِي تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ لِسُؤَالِهِ النَّاسَ وَاعْتِرَاضِهِ إيَّاهُمْ وَقُوَّتِهِ عَلَى اكْتِسَابِ مَا يُغْنِيهِ عَنْهَا‏,‏ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ‏}‏‏.‏

فَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالَ يَتَثَبَّتُونَ أَيْنَ يَضَعُونَ أَمْوَالَهُمْ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي الَّتِي يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ كَمَنْ يُعْطِيهَا مَنْ حَضَرَهُ بِغَيْرِ الْتِمَاسِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ فِي تَرْكِ اللَّغْوِ فِيهِ وَالإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الرَّفَثِ وَالْجَهْلِ فِيهِ جَزَاءُ مَنْ أَتَى بِهِ‏,‏ كَذَلِكَ خِلاَفُ جَزَاءِ مَنْ أَتَى بِهِ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ‏,‏ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ مَنْ جَاءَ بِهِ بِلاَ رَفَثٍ وَلاَ فُسُوقٍ وَلاَ جِدَالٍ فِيهِ فَكَانَ جَزَاؤُهُ عَلَيْهِ خِلاَفَ جَزَاءِ مَنْ جَاءَ بِهِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ وَكُلُّ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الْمَحْمُودَةِ فِي الأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَتُعْقَلُ مِنْ فَاعِلِيهَا لأَفْعَالِهِمْ الَّتِي فَعَلُوهَا فِيهَا حَتَّى كَانُوا بِذَلِكَ مُسْتَحِقِّينَ لِ مَا قَدْ وُعِدُوا عَلَيْهَا‏,‏ وَكَانُوا بِخِلاَفِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِمَّنْ شَغَلَتْهُ الْغَفْلَةُ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى عَادَ بِذَلِكَ مَذْمُومًا فِي غَفْلَتِهِ تِلْكَ جَاهِلاً بِمَا لَزِمَ مِنْهَا‏,‏ وَكَذَلِكَ سَائِرُ سِهَامِ الإِسْلاَمِ هِيَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَكَانَ جَزَاءُ مَنْ عَقَلَهَا حَتَّى وَفَّاهَا مِنْ نَفْسِهِ خِلاَفَ جَزَاءِ مَنْ جَهِلَهَا حَتَّى أَغْفَلَهَا وَلَمْ نَجِدْ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرْنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَا أَذِنَ اللَّهُ فِي شَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِشَيْءٍ مَا يَأْذَنُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ فَتَأَمَّلْنَا مَعْنَى مَا أُرِيدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ فَوَجَدْنَا الإِذْنَ فِي هَذَا هُوَ الاِسْتِمَاعُ‏.‏

وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ‏}‏ أَيْ‏:‏ تَسَمَّعَتْ مَا يَأْمُرُهَا رَبُّهَا عَزَّ وَجَلَّ بِهِ‏,‏ وَلِمَا يُحِبُّهَا مِنْهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَا يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِشَيْءٍ مَا يَأْذَنُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ أَيْ‏:‏ مَا يَسْتَمِعُ لِشَيْءٍ مَا يَسْتَمِعُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ مِنْ تَحْسِينِهِ بِهِ صَوْتَهُ طَلَبًا لِرِقَّةِ قَلْبِهِ بِهِ لِمَا يَرْجُو فِي ذَلِكَ مِنْ ثَوَابِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ عَلَيْهِ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏